قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا تنطلق وسط غياب أمريكي كامل

بدأ قادة دول مجموعة العشرين، التي تضم أكبر الاقتصادات العالمية، اجتماعات قمتهم التاريخية الأولى على الأراضي الأفريقية في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا يوم السبت، في ظل غياب تام للوفد الأمريكي بقرار من الرئيس دونالد ترامب، وسط جهود حثيثة للتوصل إلى إعلان مشترك يركز بشكل أساسي على قضايا تغير المناخ والديون والتنمية.
وكانت وفود الدول الأعضاء قد توصلت، قبل انطلاق القمة بيوم واحد، إلى مسودة إعلان نهائي دون أي مشاورات أو مشاركة من الجانب الأمريكي، في خطوة وُصفت من قبل مسؤول رفيع في البيت الأبيض بأنها “مخزية وغير مقبولة”.
وأكدت مصادر مطلعة أن المسودة تحتوي صراحة على إشارات مباشرة إلى “تغير المناخ”، متجاهلة بذلك اعتراضات إدارة ترامب الشديدة، التي تشكك في الإجماع العلمي حول مسؤولية الأنشطة البشرية عن ظاهرة الاحتباس الحراري.
تركز جدول أعمال القمة، الذي حددته جنوب أفريقيا تحت شعار “التضامن والمساواة والاستدامة”، على أربعة محاور رئيسية، ثلاثة منها مرتبطة مباشرة بقضايا المناخ: تعزيز الاستعداد للكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية، توفير التمويل اللازم للانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، وضمان استفادة الدول المنتجة للمعادن النادرة من الطلب العالمي المتزايد عليها.
أما المحور الرابع فيتعلق بإصلاح نظام الاقتراض الدولي ليكون أكثر عدلاً تجاه الدول النامية والفقيرة التي تعاني من أعباء ديون هائلة.
قرار الرئيس ترامب بمقاطعة القمة تماماً جاء على خلفية اتهامات متكررة منه لحكومة جنوب أفريقيا بـ”التمييز العنصري ضد الأقلية البيضاء” ومصادرة أراضي المزارعين البيض، وهي ادعاءات رفضتها بريتوريا مراراً واعتبرتها “لا أساس لها من الصحة” ومبنية على معلومات مضللة.
كما رفض ترامب أجندة القمة برمتها، واصفاً إياها بأنها تروج لـ”أجندة المناخ والمساواة” التي يراها غير مناسبة.
ألقت المقاطعة الأمريكية بظلالها على طموحات الرئيس سيريل رامابوسا في تعزيز الدبلوماسية متعددة الأطراف وإبراز دور أفريقيا على الساحة العالمية، لكن محللين يرون أنها قد تعود بالنفع على القمة إذا نجح الأعضاء الآخرون في تبني إعلان قوي وجوهري يعكس مصالح الدول النامية. ومع ذلك، فإن غياب أكبر اقتصاد عالمي يُضعف من وزن أي اتفاقيات محتملة.
في سياق متصل، رفضت جنوب أفريقيا اقتراحاً أمريكياً بإرسال القائم بأعمال السفارة الأمريكية فقط لاستلام رئاسة المجموعة الدورية في نهاية القمة، حيث ستتسلم الولايات المتحدة الرئاسة لعام 2026 وتستضيف القمة المقبلة.
وكان رامابوسا قد صرح سابقاً بأنه قد يضطر لتسليم الرئاسة إلى “كرسي فارغ”، مؤكداً أن المقاطعة لن تمنع إصدار إعلان شامل من قبل الحاضرين.
رغم التوترات، يأمل المشاركون في أن تسفر القمة عن تقدم ملموس في ملفات التنمية المستدامة والعدالة المناخية، خاصة مع حضور قادة بارزين من أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، في وقت يواجه فيه العالم تحديات متزايدة تتعلق بالفقر والكوارث البيئية والتفاوت الاقتصادي.



