النفط تحت فوهة المدافع: كيف تهدد التحركات الأمريكية مستقبل الطاقة في فنزويلا؟

تتجه الأزمة بين الولايات المتحدة وفنزويلا نحو مرحلة أكثر حساسية، مع تصعيد عسكري وسياسي غير مسبوق يضع قطاع النفط الفنزويلي – شريان الاقتصاد الأول للبلاد – في قلب المواجهة.
فقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حصار كامل على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، تتراوح بين تسوية تفاوضية سريعة وتصعيد عسكري قد يربك الإمدادات ويشعل المنطقة.
وبحسب تحليلات شركة البيانات والطاقة «كيبلر»، فإن واشنطن تعتمد سياسة تدخلية تجمع بين الضغط العسكري والدبلوماسية القسرية، مدعومة بانتشار بحري كثيف في البحر الكاريبي، يضم حاملة الطائرات «يو إس إس جيرالد فورد» وعدداً من المدمرات والسفن المرافقة، إضافة إلى قوة برمائية قوامها نحو 4000 عنصر. هذا الحشد يمنح الولايات المتحدة خيارات واسعة، من ضربات محدودة إلى عمليات أوسع نطاقاً.
في المقابل، ردت كاراكاس بتعبئة قواتها النظامية والميليشيات، وإجراء مناورات عسكرية واسعة، في مؤشر على استعدادها لأي تصعيد محتمل.
وتأتي هذه التطورات في ظل عقوبات أمريكية خانقة وعزلة دبلوماسية تعاني منها فنزويلا منذ سنوات، وسط اتهامات تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وتهريب المخدرات.
النفط في مرمى الضغوط
رغم تحسن الصادرات الفنزويلية إلى نحو 750 ألف برميل يومياً خلال عام 2025، فإنها لا تزال بعيدة عن مستويات ما قبل العقوبات.
وتعد الصين المستورد الأكبر حالياً، بينما تراجعت الواردات الأمريكية بشكل حاد، مع استمرار القيود على التعاملات النفطية.
وتواجه فنزويلا صعوبات في إعادة توجيه صادراتها بسبب ضعف الاستثمارات ونقص الصيانة في قطاع الطاقة.
وتشير «كيبلر» إلى أن الإنتاج الفنزويلي يتمتع بقدر من المرونة، خاصة أن الحقول الرئيسية تقع في مناطق نائية نسبياً، بعيداً عن مراكز التوتر المحتملة. غير أن أي تعطيل طويل لاستيراد المواد المخففة اللازمة للنفط الثقيل قد يؤدي إلى تراجع ملحوظ في الإنتاج خلال أسابيع.
سيناريوهات مفتوحة
السيناريو المرجح، وفق التحليل، يتمثل في التوصل إلى تسوية تفاوضية بحلول مطلع 2026، قد تفتح الباب أمام تخفيف العقوبات وزيادة تدريجية في الإنتاج. أما في حال تنفيذ ضربات محدودة أو غزو خاطف دون أضرار كبيرة، فقد ينخفض الإنتاج والصادرات بنسبة 10 إلى 15% مؤقتاً، مع تعافٍ سريع لاحقاً.
في المقابل، يحذر التقرير من أن غزواً أوسع أو اشتباكات قرب منشآت النفط قد يؤدي إلى تراجع أكبر في الإمدادات، وتعليق عمل الشركات الأجنبية، وارتفاع المخاطر الأمنية والتأمينية.
لا يتوقع المحللون أن يؤدي الضغط الأمريكي على النفط الفنزويلي إلى أزمة طاقة عالمية، لكنه يحمل تداعيات اقتصادية وسياسية قاسية على الداخل الفنزويلي.
وبين العقوبات والحشود العسكرية، يبقى مستقبل النفط في فنزويلا رهناً بميزان دقيق بين التصعيد والتفاوض، في مشهد إقليمي مفتوح على كل الاحتمالات.



