الصين تكسر احتكار صناعة الشرائح الإلكترونية: مشروع EUV يهدد التفوق التكنولوجي للغرب

في خطوة غير متوقعة، حققت الصين اختراقًا تقنيًا هائلًا في مجال صناعة الشرائح الإلكترونية الدقيقة، وهو المجال الذي سيطر عليه الغرب لعقود.
هذا المشروع الصيني الاستراتيجي، الذي أطلق عليه الخبراء اسم “مشروع مانهاتن الصيني”، يُعتبر محاولة محكمة لكسر الاحتكار الغربي للشرائح الإلكترونية الأكثر تقدمًا، والتي تُستخدم في الهواتف الذكية، الذكاء الاصطناعي، الأسلحة المتقدمة، والطائرات المقاتلة الحديثة.
خلفية المشروع
يقع المشروع في معمل شديد السرية بمدينة شينزن، المعروفة باسم “وادي السيليكون الصيني”، ويعمل منذ سنوات بعيدا عن أي رقابة أو كشف خارجي. الفريق المسؤول عن المشروع تمكن من تطوير نموذج أولي لآلة EUV – الآلة التي تعتبر حجر الأساس في تصنيع الشرائح الإلكترونية الأكثر دقة.
تعتمد هذه الآلة على تقنية الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية القصوى (Extreme Ultra Violet Lithography)، وهي التقنية التي تمكن من نقش الدوائر المتناهية الصغر على شرائح السليكون، بدقة تصل إلى 2 نانومتر في بعض الحالات.
حتى الآن، كانت هذه التكنولوجيا حكرًا على شركة ASML الهولندية، تحت رقابة صارمة من الغرب، مع حظر كامل على تصدير هذه الآلات أو مكوناتها إلى الصين منذ عام 2018، وذلك للحفاظ على تفوق الغرب في صناعة الشرائح والذكاء الاصطناعي والأسلحة الحديثة.
أهمية المشروع للصين
قبل هذا الاختراق، كانت الصين تعتمد كليًا على استيراد الشرائح الغربية لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، الصواريخ الدقيقة، الأسلحة المتقدمة، وحتى الهواتف الذكية عالية الأداء. عدم القدرة على تصنيع هذه الشرائح داخليًا شكل نقطة ضعف استراتيجية كبيرة.
الآن، ومع النسخة الصينية من آلة EUV، تصبح الصين قادرة على تصنيع الشرائح داخليًا، مما يتيح لها الاستقلال التكنولوجي ويقلص فجوة التفوق التكنولوجي بين الصين والغرب.
كيفية تنفيذ المشروع
بحسب تحقيقات رويترز ومصادر داخلية، تم تنفيذ المشروع وفق خطة محكمة للغاية على غرار مشروع “مانهاتن الأمريكي” لتصنيع القنبلة النووية:
تجنيد الخبراء: استقدمت الصين كبار المهندسين الذين عملوا سابقًا في شركة ASML، بما في ذلك المتقاعدين، عبر عقود مالية مغرية جدًا ومزايا أمنية وسكنية.
السرية التامة: أعطيت فرق العمل هويات مزيفة وأسماء جديدة، وعمل كل فريق على جزء محدد فقط من الآلة دون معرفة الصورة الكاملة، مع إشراف مباشر من أعلى مستويات القيادة في بكين والرئيس الصيني “شي جينبينج”.
التقسيم والتنظيم: تم تقسيم العمل على أجزاء محددة من المشروع لضمان السرية التامة، ولم يكن أي مهندس يعرف أكثر من جزءه من التصميم.
التصميم الهندسي المعقد: استغرق تصميم الآلة سنوات من العمل المتواصل، وكانت النسخة الصينية أكبر حجمًا من النسخة الأوروبية الأصلية، لكن الأهم أنها نجحت في توليد ضوء EUV ثابت ومستقر، وهو أصعب جزء في المشروع.
تبعات المشروع على التوازن العالمي
نجاح الصين في تشغيل هذه الآلة يعني:
استقلال الصين في إنتاج الشرائح الدقيقة دون الاعتماد على الغرب.
القدرة على تطوير الذكاء الاصطناعي المحلي والصواريخ والأسلحة الدقيقة بمستوى متقدم.
تهديد احتكار الغرب لتكنولوجيا EUV، والذي كان يشكل ورقة ضغط استراتيجية قوية.
تقليص الفجوة التكنولوجية بين الصين والغرب بمقدار عقد كامل على الأقل.
زيادة احتمالية التصعيد العسكري والتكنولوجي، خصوصًا في سباق تكنولوجيا الجيل الخامس والسادس للطائرات والأسلحة.
الاستراتيجيات الصينية للتغلب على العقوبات
خلال سنوات الحظر الغربي، لجأت الصين لخطط بديلة، منها:
استئجار مراكز بيانات خارجية في دول مثل سنغافورة وماليزيا لتشغيل وتجربة شرائح الذكاء الاصطناعي.
تدريب المهندسين الصينيين على استخدام هذه الشرائح ثم نقل المعرفة والبيانات إلى الداخل.
تطوير نماذج ذكاء اصطناعي محلية قوية، مثل نموذج “DeepSeek”، مما قلل الاعتماد على تقنيات Nvidia أو Intel.
الوضع الحالي يوضح أن الصين قد وصلت إلى مرحلة متقدمة جدًا في تصنيع الشرائح الإلكترونية، مما يقلل اعتمادها على الغرب بشكل كبير، ويعيد رسم خارطة القوة التكنولوجية العالمية.
هذا الاختراق يشكل تحديًا استراتيجيًا للولايات المتحدة وأوروبا، ويعزز قدرة الصين على المنافسة في الذكاء الاصطناعي والأسلحة المتقدمة.



